وقف أعرابيٌ على أبي الأسود وكان يتناول غداءه فرد عليه بمزاج مكفهر، ثم واصل أكله دون أن يعزم على الأعرابي أن يأكل. فقال الأعرابي منافقاً:
أما إني قد مررت بأهلك. فقال أبو الأسود: لقد كان هذا طريقك. قال: وامرأتك حبلى. قال: ذلك كان عهدي بها دائماً، قال الأعرابي: لقد ولدت لك غلاماً جميلاً. قال: كان لابد لها أن تلد. قال: ولدت غلامين. قال: كذلك كانت أمها. قال: لقد مات أحدُهما. فقال أبو الأسود: لم تكن تقوى على إرضاع اثنين. قال: ثم مات الآخر. قال: ما كان ليبقى بعد موت أخيه، قال: وماتت الأم. أجابه أبو الأسود: طبعاً، حزناً على ولديها. فقال ما أطيب طعامك؛ فقال لأجل ذلك أكلته وحدي وولله لا ذقته يا أعرابي...